مقالات

في اليوم العالمي للمرأة الريفية: تحية صمود لنساء الريف السوداني

رحمة عتيق

هو صموداً أسطورياً، ذلك الذي أظهرته المرأة السودانية في الريف خلال سنوات الحرب الحالية. فبالإضافة إلى تربية الأطفال وإدارة شؤون المنزل وجلب الماء والحطب، كانت تضطلع بالأنشطة الزراعية، بما فيها تربية المواشي وحصاد المحاصيل.

وتواجدت في “غرف الطوارئ” و”المطابخ الجماعية” في الأحياء، قبل أن تواجه تحديات “النزوح”، وشح الغذاء وغياب الرعاية الصحية، فضلاً عن التحديات التي تتعلق بالنوع، من قبيل جرائم “الاغتصاب” و”الابتزاز الجنسي”،  لكنها تجاوزت كل ذلك، لتنشئ المنظمات المهتمة بقضايا النوع، وتمضي في “التشبيك” مع المنظمات الشبيهة في الإقليم والعالم.
و يعد اليوم الدولي للمرأة الريفية، الذي يُحتفل به سنويًا في 15 أكتوبر من كل عام، مناسبة جيدة لتسليط الضوء على حجم التحديات الهائلة التي تواجهها السودانيات في تلك النجوع البعيدة، في ظل استمرار الصراع.
تشكل المرأة الريفية السودانية الغالبية العظمى من القوى العاملة في قطاع الزراعة التقليدية، وتساهم بفعالية في تحقيق الأمن الغذائي. وتنتج المرأة في البلدان النامية، ما يصل إلى 80 في المائة من الغذاء، وتعد مسؤولة عن نصف إنتاج الغذاء في العالم، بحسب إحصائيات لمنظمة “الفاو” التابعة للأمم المتحدة.
وبعد اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل، صار “النزوح” هو كابوس المرأة الريفية الأول، بما يضع أمامها من تحديات كبيرة تمثلت في خطر التعرض للاغتصاب والابتزاز الجنسي أثناء التنقل، والخطر على أطفالهن من التعرض للأمراض، دون ذكر أن إجبارهن على الفرار، حرمهن من منازلهن ومزارعهن ومصادر رزقهن.
ومع تفاقم نقص الغذاء جراء استمرار الحرب، أصبحت الأسر التي تعولها نساء هي الأكثر تضرراً. وانتشرت ظواهر مثل تزويج القاصرات، في محاولة لتخفيف العبء الاقتصادي أو “حمايتهن”، ما يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوقهن ويحرمهن من التعليم.
ووفقا لتقرير صدر مؤخراً عن منظمة الأغذية والزراعة، تحصل النساء العاملات في مجال الزراعة بأجر على 82 سنتا مقابل كل دولار يكسبه الرجل. وبحسب منظمة الفاو لا تصل نسبة النساء من ملاك الأراضي في كل أنحاء العالم إلى 15٪. من مجمل عدد الملاك، كما إن قدرتهن على الوصول إلى مجموعة من الموارد في مجالات منها حقوق الأرض والائتمان إلى التعليم والتكنولوجيا هي أقل مقارنة مع الرجل. وإذا حظيت المرأة بنفس القدرة على الوصول إلى الموارد الإنتاجية مثل الرجل فمن الممكن أن تزيد غلات المزارع بنسبة 20 إلى 30 في المائة، مما يؤدي إلى إطعام ما بين 100 إلى 150 مليون شخص إضافي.
وبحسب تقرير للجنة الإنقاذ الدولية (international rescue committee) أمس الثلاثاء، فقد تمكنت ثلاث نساء سودانيات ريفيات من إنقاذ أطفالهن من مرض سوء التغذية القاتل، بعد رحلة نزوح أقل ما توصف به أنها كانت “طويلة” و”مرعبة”، لكنها لم تثنهن عن المسير حتى الوصول لعيادة اللجنة الدولية، فكن مثالاً لقوة الشكيمة، كنساء قهرن الحرب والظروف.
لا أقل من أن يتم التفاعل مع صمود المرأة الريفية خلال الحرب في السودان، بوضع خطط عمل واضحة وملموسة لإنصافهن وحمايتهن وتمكينهن. إذ أثبتت دراسات علمية موثوقة أن تمكين المرأة الريفية وتوفير فرص الوصول المتكافئ لها إلى الموارد الإنتاجية، يمكن أن يزيد من الحصيلة الزراعية بشكل كبير، ويساهم بشكل فاعل في مكافحة الفقر والجوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى